المناخ الاستوائي
--------------
أ. الخصائص العامة للمناخ الاستوائي.
---------------------
يترامى المناخ الاستوائي على شكل نطاق عريض، حول خط الاستواء، يمتد بين خمس وعشر درجات عرضية، شمال ذلك الخط وجنوبه (انظر شكل المناخ الاستوائي)؛ وقد يمتد، في الأجزاء الشرقية من القارات، إلى نحو 25 درجة، في شماله وجنوبه. ويتميز المناخ الاستوائي بمتوسط درجة حرارة، لا يقلّ عن 25 درجة مئوية؛ وبِهَطْل الأمطار طوال العام، نتيجة لظاهرة الحمل، ومدى حراري سنوي منخفض.
(1) الحرارة.
-----------------
تكون درجة الحرارة، في المناخ الاستوائي، مرتفعة، طوال العام، فلا يقلّ متوسطها عن 25 درجة مئوية؛ وليس هناك فارق واضح بين شهور السنة؛ لأن الشمس لا تبتعد كثيراً، في المنطقة الاستوائية، عن الوضع العمودي. وتبلغ الحرارة ذروتها، إبّان الاعتدالَين، حينما تتعامد الشمس وخط الاستواء؛ بينما تنخفض إلى نهايتها الصغرى، خلال الانقلاب الصيفي والانقلاب الشتوي، حينما تتعامد ومدار السرطان (23.5 درجة شمالاً) ومدار الجدي (23.5 درجة حنوباً)، على التوالي. ولا يزيد المدى الحراري بين أحرّ شهور السنة وأبردها على 1ـ3 درجات مئوية. كما أنه لا يوجد إبّانها تفاوت كبير في طول النهار، لأن الشمس تكون عمودية، أو شبه عمودية، طوال السنة، على هذا الإقليم.
وتتسم درجتا الحرارة، العظمى والصغرى، في الأقاليم الاستوائية، بقلة التغاير؛ إذ نادراً ما تزيد أولاهما على 38 درجة مئوية، وقلَّما الثانية عن 16 درجة مئوية، أيّ أن الفارق بين نهايتَيهما قلَّما يزيد على 22 درجة مئوية. ويُعَد الفارق اليومي بين درجات الحرارة، في النهار والليل، كبيراً، إذا ما قُوْرن بالفارق الفصلي؛ إذ يناهز عشر درجات مئوية، حيث تراوح الحرارة في الليل بين 20 و24 درجة مئوية، وفي النهار بين 30 و34 درجة مئوية (انظر جدول المتوسط الشهري لدرجات الحرارة، في عَيِّنات من المناخ الاستوائي).
وعلى الرغم من أن درجة الحرارة، في المناخ الاستوائي، لا تنخفض، أثناء الليل، عن عشرين درجة مئوية، فإنها تُعَد منخفضة، بالنسبة إلى شعوب الأقاليم في ذلك المناخ، والتي لم تتعود استعمال اللباس، أو وسائل التدفئة الأخرى؛ ولذلك، كثيراً ما يقال إن الليل، هو شتاء الأقاليم الاستوائية.
(2) الضغط الجوي والرياح.
---------------------
يسيطر على الأقاليم الاستوائية الضغط المنخفض، المعروف بالرَّهْو الاستوائي، الناجم عن ارتفاع درجة الحرارة، ونشاط التيارات الهوائية الصاعدة، طوال العام، بسبب ظاهرة الحمل، الناتجة من سخونة الهواء، قرب السطح. كما أن ارتفاع رطوبة الهواء النسبية، يساعد على قِلة كثافته، وانخفاض ضغطه.
ويتميز الإقليم الاستوائي بركود هوائه؛ ما يجعله إقليماً، تسوء فيه الأحوال الصحية؛ لاقتران ركود الهواء بكثرة الرطوبة. ويتأتَّى ذلك الركود من تماثل درجات الحرارة في أرجاء الإقليم؛ ما يجعل الانحدار في درجة الحرارة، فيضعف انحدار الضغط الجوي، فتكون حركة الهواء بطيئة جداً. ويقلّ انحدار ذلك الضغط، كلما ازداد الاقتراب من خط الاستواء، في هذا الإقليم، ويضمحل ببلوغ ذلك الخط، حيث تتوقف حركة الهواء الأفقية، وتنشط حركته الرأسية؛ تصَّاعد مقادير كبيرة منه، محمَّلة بالرطوبة، إلى الطبقات الجوية العليا. ويساعد تصاعده على تمدد حجمه، الناجم عن قِلة الضغط الجوي؛ فتنخفض درجة حرارته، ويتكاثف، مسبباً سقوط الأمطار الغزيرة. أمّا التباعد عن خط الاستواء، فيزيد الفارق المكاني في الضغط الجوي؛ ما يسمح بهبوط تيارات هوائية معتدلة السرعة، تتجه نحو ذلك الخط، وتعرف بالرياح التجارية، وتتميز بانتظام هبوبها؛ وتجلب معها مقادير كبيرة من بخار الماء، من المحيطات الدافئة، التي تمر عليها قبل وصولها إلى اليابسة.
(3) الأمطار.
-----------------
الأمطار الرئيسية في المناطق، التي يسودها مناخ استوائي، هي الأمطار الانقلابية، الناتجة من عملية الحمل، التي تسهم في تسخين الهواء القريب من السطح، وصعوده إلى أعلى، حيث تنخفض درجة حرارته إلى حدِّ التكاثف ثم التساقط (انظر شكل حرارة الهواء الصاعد). ففي الصباح الباكر، يكون الجو ضبابياً، ولا يلبث الضباب أن يختفي، بعد طلوع الشمس؛ وتتزايد سخونة الهواء القريب من السطح؛ ما يجعله يتمدد، وتقلّ كثافته، فيصّاعد ويُفقِده صعوده الطاقة، بمعدل درجة مئوية واحدة، في كلّ مائة متر؛ وذلك ناتج من التمدد، بسبب قِلة الضغط. وباطِّراد ارتفاعه، وازدياد برودته، ترتفع رطوبته النسبية إلى درجة التشبع، فيتكثف، مكوِّناً التكاثف وتكوين السحب الركامية، ثم الأمطار الرعدية. وتسقط الأمطار في المناخات الاستوائية، يومياً، سقوطاً منتظماً، يتكرر في الموعد نفسه، كلّ يوم؛ حتى إن السكان المحليين يؤقتون به مواعيدهم، فيقولون، مثلاً: "نلتقي، بعد المطر".
بيد أن مواقيت المطر اليومي، تختلف باختلاف الأماكن ذات المناخ الاستوائي، وتفاوت ظروفها المحلية؛ إلاّ أنها تكون، عادة، ما بين الظهر ومنتصف الليل، بخاصة بين الساعة الثالثة والرابعة مساءً، أي بعيد أن تبلغ السخونة ذروتها، وتراوح كمية الأمطار السنوية، الساقطة في المناخ الاستوائي، بين 50 و80 بوصة (125ـ200سم)؛ إلاّ أنها قد تصل إلى 200 بوصة (500سم) في بعض الأقاليم (انظر جدول متوسط الأمطار الشهري، في عَيِّنات من المناخ الاستوائي). وتبلغ الأمطار أعلى مستوى لها في الفترة، التي تكون فيها الشمس وخط الاستواء متعامدَين، فيما يعرف بالاعتدالَين، في شهرَي أبريل ونوفمبر؛ ويكون معدِّلها في الاعتدال الربيعي (أبريل) أعلى منه في الاعتدال الخريفي (نوفمبر).